تحية الثورة وبعد
لا يجهلن أحدا أهمية الإعلام في معارك العصر الحديث . ولا يتوهمن أحدا أن هناك إعلام عربي غير مسيس ( تابع لجهة سياسية ) مهما إدعى صاحب العلاقة حياديته .
في الوضع الفلسطيني الداخلي ، ومنذ ظهور حماس كحركة منافسة على الساحة الفلسطينية ، إتخذت قناة الجزيرة ، موقفا منسجما ، مع سياستها المتعاطفة مع كل ما هو إسلاموي . فالجزيرة التي لم تجهر يوما بتأييدها للقاعدة ، إتخذت سياسات نشر ، جعلتها العنوان المحبذ لأي رسائل تود القاعدة وقياداتها توجيهها ، وكادت تتورط ومراسليها بقضايا ميدانية ، دفع ثمنها أكثر من مراسل للجزيرة . فعدلت من سياستها بعض الشيء ، ولم تعد الجزيرة تستلم بشكل مباشر أية رسائل من القاعدة ، بل تنقلها عن مواقع إلكترونية تابعة أو مؤيدة للقاعدة . أوردت هذا المثال لتوضيح ميل قناة الجزيرة للإسلامويين مع حرصها على عدم إعلان تأييدها لهم بشكل مباشر ، ولأنه سيخدم ما سأطرحه من أفكار بشأن التعاطي الفتحاوي مع الجزيرة . وقبل أن أسترسل أود التوضيح أن المشكلة مع الجزيرة لم تقتصر على القناة التلفزيونية فقط ، فنحن واجهنا سياسة أكثر وضوحا في تعسفها وانحيازها عبر الجزيرة نت مثلا . فشخصيا مارست التعليق على أخبار الجزيرة وإنتقاد سياسة الجزيرة الإخبارية عبر خاصية الرد في الجزيرة نت ، إلا أن تعليقاتي وتعقيباتي لم تلبث أن حجبت ومنع نشرها .
مع تصاعد حدة التوتر في الشأن الداخلي ، كان التذمر الفتحاوي من سياسة الجزيرة يتصاعد ، كون برامج وسياسة الجزيرة تمعن في الإنحياز الغير معلن إلى جانب حماس الإسلاموية . ورغم إيمان كوادر فتح بسياسة توسيع جبهة الأصدقاء وتضييق جبهة الأعداء ، وحرصهم على عدم إستعداء أي جهة وخاصة على الصعيد الإعلامي ، الذي تبوأت فيه الجزيرة مركزا مرموقا خلال العقد الماضي على الأقل . إلا أن ما اعتبره الفتحاويون إستفزازيا في أسلوب تغطية الجزيرة للأحداث تمادى وتصاعد . الأمر الذي عنى لبعض الفتحاويين أن الحرص على العلاقة ليس متبادلا ، وهو ما قوبل من قبلهم برد فعل متشنج ، دفع ببعضهم لإنتقاد سياسة الجزيرة . ورغم هذا بقي الكثيرون في فتح مصرون على التعاطي مع الجزيرة بروية وهدوء . ولعل أبرز أولئك أخونا نبيل عمرو ، الذي لم يلبث أن إضطر إلى مهاجمة ( وليس مجرد إنتقاد ) الجزيرة ومن على شاشتها . وفي حين أن الجزيرة تعمدت سابقا إبراز تصريحات متشنجة تهاجمها ، كما حصل عند إذاعتها للهجوم الصارخ الذي شنه عليها الأخ محمد دحلان في إحدى خطبه الخاصة ، إلا أنها لم تستطع أن تفعل نفس الشيء مع أسلوب الأخ نبيل عمرو الذي هاجمها بمنطقية من على شاشتها أثناء إحدى لقاءاتها المباشرة معه .
اليوم تمارس الجزيرة سياسة مفضوحة الإنحياز إلى حد مبالغ فيه ، إلى درجة بدأت معها تتخلى عن موضوعية العمل الإعلامي الصحفي ، فباتت تنقل جانب واحد من الحدث ، وتعطي الأفضلية في المقابلات للجانب الحمساوي ، وتجير الحضور الفتحاوي على شاشتها ليكون مدينا ومسيئا لفتح ......
اليوم نحن بحاجة لوقفة لتقييم الموقف من الجزيرة وكيفية التعاطي الفتحاوي معها رسميا وشعبيا . فإيماننا بأهمية الإعلام ، لاينتقص من إيماننا بأهمية القضية الأساسية ، قضية فلسطين ، ومكانة فتح في صنع احدث الفلسطيني . وما دامت الجزيرة مصرة على المضي قدما في سياستها المنحازة التي تتيح لطرف دون سواه التعبير الكامل عن وجهة نظره فتؤيدها بطريقة عرضها للأخبار وصياغتها لتقاريرها ، في حين تجحف حق الآخر بذلك ، وكأن المطلوب أن تكون فتح شاهدة زور على عدم صوابية كل ما تراه الجزيرة ومن هم خلف الجزيرة ، عدم صواب . وكأن فتح لاحول لها ولاقوة ، ولا خيارات لها في التعاطي مع هكذا سياسات رعناء !!
سنناقش مطولا كل ما يمكن لفتح أن تقوم به من إجراءات لمواجهة سياسة الجزيرة ، ولكنني أود أن أوضح أن القوة التي خشيتها الجزيرة ودفعتها لتغيير أسلوب تعاطيها مع أخبار القاعدة ورسائلها ، ليست الشكل الوحيد للقوة الذي يمكن مواجهة الجزيرة به .
وقبل عرض أحد الخيارات وانطلاق الحوار بشأن ما يمكننا القيام به ، يجب التأكيد المطلق والواضح أن اللجوء للقوة العنيفة في التعاطي مرفوض رفضا مطلقا ، وهو مسيء لكل قيم فتح ، التي لن تتأثر بمال أو إعلام يحظى به الآخرون .
وبشكل مباشر أقترح أن أولى خطواتنا يجب أن تكون إصدار تعميم معلن ، لكل قيادات وكوادر فتح بحظر ومنع ظهورهم الإعلامي عبر الجزيرة . وهو إقتراح قابل للنقاش بطبيعة الحال ، وأنتظر أن يكون مدخلنا للتعاطي مع الموضوع .
أعتذر لعدم إسترسالي بالموضوع لظروف خاصة تضطرني لإختزال الموضوع والتعجيل بإنهاء هذه المشاركة فيه ، مع وعد بمتابعته وإيفائه حقه بإذن الله .
بانتظار تفاعل وآراء الإخوة .
تحياتي الأخوية للجميع
وإنها لثورة حتى النصر